الكرم هو سلوك يتميز بالعطاء والسخاء، ويعكس الطيبة وحسن المعاملة والاهتمام بالآخرين. يُعد الكرم فضيلة مهمة في العديد من الثقافات والأديان، حيث يشير إلى قيمة أخلاقية تتجاوز مجرد العطاء المادي، بل تشمل العطف والتسامح والإحسان. وقد أظهرت الدراسات أن الشخص الذي يمارس الكرم يستفيد منه كما يستفيد من يتلقى العطاء، إذ تحرر هذه الأفعال الناقلات العصبية التي تعزز مشاعر الهدوء والاسترخاء والراحة النفسية.
في الفلسفة
وفقاً لكتاب علم البيان لأرسطو، يُعد الكرم من المشاعر الإنسانية النبيلة. يُعرّف الكرم على أنه تقديم العون لمن يحتاجه دون انتظار مقابل، مما يجعله تعبيرًا عن النفع المتبادل للمصلحة العامة. الفيلسوف فريدريش نيتشه رأى في الكرم والحب عوامل أساسية لتعزيز التواصل الإنساني، واعتبرهما من "أعشاب الحياة العلاجية". أما الفيلسوف هونزا زيكوفا، فقد رأى في الكرم أحد أهم الأسس الأخلاقية لمواجهة البيروقراطية والسياسات المضللة، مشيرًا إلى أن الكرم يجب أن يكون إحدى الوصايا الأخلاقية الأساسية التي يلتزم بها البشر.في الدين
الكرم يُعتبر فضيلة أساسية في معظم الأديان. في المسيحية، يُذكر الكرم ضمن ثمار الروح، كما ورد في رسالة بولس الرسول إلى أهل غلاطية: "ثمار الروح هي الحب والفرح والسلام والصبر والكرم والصلاح". أما في اليهودية، فإن التلمود يساوي بين أعمال الكرم وبين جميع الوصايا. وفي البوذية، يعد الكرم جزءًا من الـ Paramitas، ويعبر عن مفهوم الحب الشامل أو "Mettā"، وقد أشاد الدالاي لاما بهذا المبدأ. في الإسلام، يُعتبر الكرم من الصفات التي يحبها الله، حيث قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: "إن الله كريم يحب الكرم". يُعتبر الكرم جزءًا لا يتجزأ من القيم الأخلاقية التي يغرسها الإسلام في نفوس أتباعه، ويتجلى في العديد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية.في علم النفس
يشير علماء النفس إلى أن الكرم الحقيقي يمكن أن يؤدي إلى تحولات عميقة في العلاقات الإنسانية. الكرم، حين يكون صادقًا وغير مشروط، قد يؤدي إلى تغيرات غير متوقعة، سواء على مستوى الشخص الذي يقدم العطاء أو الشخص الذي يتلقاه. يعتقد المحللون أن الكرم يسهم في بناء علاقات أكثر واقعية، وقد يظهر من خلال مشاعر الإحباط التي تسبق تحسين العلاقات العاطفية.في الأدب
يعتبر الكرم من المواضيع المحورية في العديد من الأعمال الأدبية. ويقال إن معظم مسرحيات شكسبير تعكس دراسة متعمقة في الكرم الإنساني. الكاتب روبرت لويس ستيفنسون رأى في الكرم جوهر الحب، واعتبر أن الكرم العاطفي يمكن أن يكون من أنقى أشكال الحب، حيث يتحول الشخص إلى شخص أكثر التزامًا وإصرارًا عندما يمارس الكرم.
الكرم لا يقتصر فقط على العطاء المادي، بل يشمل العطاء العاطفي والمعنوي، ويظهر من خلال الرعاية والاهتمام بالآخرين، والتعاطف معهم في مواقفهم الصعبة. كما يمكن اعتبار الكرم أحد أدوات تعزيز الروابط الاجتماعية والنفسية في المجتمع، حيث يؤدي إلى خلق بيئة أكثر توازنًا وسلامًا. * جميع المقالات المنشورة في هذه المدونة مأخوذة من مصادر مختلفة على الإنترنت وتُقدَّم كمواد معلوماتية فقط. لا يُعتبَر أي منها دراسة مؤكدة أو معلومات دقيقة بشكل كامل، لذا يُرجى التأكد من صحة المعلومات بشكل مستقل قبل الاعتماد عليها.