حين ينجح الإنسان، يقف بفخر عند محطة الإنجاز ويبدأ في استعراض الجهود التي بذلها، الخطوات التي تخطاها، العقبات التي تجاوزها، وأحيانًا يصبغ نجاحه بلون من التفاخر والاعتزاز بقدراته، وكأنه يحاول أن يثبت للعالم ولذاته أن العمل الشاق والجهود الدؤوبة كانت السبب الوحيد فيما حقق. يقول بفخر: "فعلت"، ويعدد إنجازاته بسخاء.
لكن عندما تضعه الحياة أمام إخفاقاته، تبدو الأمور مختلفة تمامًا. نجد الإنسان غالبًا يلجأ إلى القدر ليحمل وزر الخسارة. يختصر فشله بجملة قصيرة: "كان قدراً"، ثم يصمت. ليس لأنه لا يملك الكلمات، ولكن لأن تبرير الإخفاق يصبح صعباً حين يتطلب مواجهة الذات بصدق. إن الحديث عن الفشل يلامس مناطق الضعف والشكوك التي نخفيها حتى عن أنفسنا.
في هذه اللحظة، يظهر الفرق الجوهري بين الإنسان الذي يتعلم من إخفاقاته وينظر إليها كجزء من رحلته، والإنسان الذي يستخدم القدر كوسيلة للهروب من مواجهة ذاته وتحمل المسؤولية. الأول يتأمل أسباب الفشل بعمق، يحلل ما يمكن تحسينه، ويعتبر ما حدث درسًا يُضاف إلى تجاربه. أما الثاني، فهو يرضى بأن يجعل القدر مظلته ليتفادى مطر التساؤلات واللوم.
ولكن هل حقًا نحن ضحايا القدر في الفشل كما ندعي أحيانًا؟ أم أن فهمنا للقدر يجعلنا نغفل عن دورنا في اتخاذ القرارات وتحمل عواقبها؟ القدر قد يرسم لنا الإطار العام، ولكن التفاصيل الدقيقة لرحلتنا، اختياراتنا، وأفعالنا، هي ما يحدد النتيجة النهائية. فالنجاح والفشل كلاهما محطتان لا تنفصلان عن الإرادة والمسؤولية.
إن العبرة الحقيقية تكمن في موازنة النفس: أن نعترف بجهودنا حين ننجح دون غرور، وأن نتحمل مسؤولية إخفاقنا بشجاعة دون التهرب أو الاتكاء على الحظ والقدر. بهذه الطريقة، يمكننا أن نعيش حياةً أكثر نضجاً ووعياً بدورنا فيها.
* All articles published on this blog are sourced from various websites on the internet and are provided for informational purposes only. They should not be considered as confirmed studies or accurate information. Please verify the information independently before relying on it.